ذهبت إلى السوق لشراء الفول الأخضر، وبينما كنت أتناوله؛ حذرتني أمي من الإكثار منه، وقصت عليا حكاية ابن جارتنا؛ الذي تناول الكثير منه ثم أصيب بإغماء ونقل للمستشفى.
وهناك حذره الطبيب من تناول الفول، وأوضح أنه سبب ما حدث له؛ لأنه يسبب له نوع من الأنيميا تسمى التفول، أو ما يعرف بمرض أنيميا الفول، فما هي تلك الأنيميا؟ وكيف نتجنب أعراضها؟ وهل هذا النوع من الأنيميا يصيب كل من يتناول الفول حقا؟.
ما هي أنيميا الفول ؟
يحدث هذا النوع من الأنيميا؛ نتيجة نقص إنزيم الجلوكوز 6 فوسفات ديهدروجينيز (G6PD)، وهو إنزيم ضروري للحفاظ على عمر، وحيوية كريات الدم الحمراء؛ لتقوم بوظيفتها في توصيل الأكسجين اللازم للخلايا.
ونتيجة نقص هذا الإنزيم؛ تتكسر كريات الدم الحمراء؛ مما ينتج عنه الإصابة بمرض فقر الدم الانحلالي المعروف بمرض (أنيميا الفول).
هل أنيميا الفول وراثية ؟
تلعب العوامل الوراثية والجينات دورا كبيرا في إصابة الأشخاص بمرض أنيميا الفول، فيتم توارثه بين الأبناء، ولكنه يكثر ويشيع بين الذكور عن الإناث، ويرجع ذلك لوجود الإنزيم على الكروموسوم إكس.
وحيث أن الذكور لديهم كروموسوم إكس واحد فقط، فأي تغيير يحدث به تظهر أعراضه مباشرة على حامله.
وقد أصبح من السهل الآن توقع ما إذا كان طفلك معرض للإصابة بهذا المرض أم لا، وبالتالي يمكن التحكم في المرض منذ الولادة.
أسباب أنيميا الفول
كما ذكرنا سابقا؛ تحدث أنيميا الفول نتيجة للعوامل الوراثية؛ التي تتسبب في نقص إنزيم G6PD، ولكن المرض يبقى خاملا؛ إلا إذا تم تنشيطه ببعض من العوامل المساعدة. فما هي تلك العوامل؟
العوامل المساعدة
تناول البقوليات وبالأخص الفول
ومن هنا جاءت التسمية بأنيميا الفول، حيث يتفاقم المرض وتبدأ كريات الدم بالتكسر، في حالة أكل الشخص تلك البقوليات. و بالطبع فهذا المرض لا يصيب كل من أكل الفول، ولكن فقط من لديه العامل الوراثي المسبب لحدوثه.
الإصابة بالعدوى
يحدث أيضا في حالة إصابه الشخص ببعض العدوي الفيروسية، أو البكتيرية.
تناول بعض الأدوية
مثل الأدوية المضادة للملاريا، والأسبرين، ومضادات الالتهاب غير االاستيرودية، وأيضا السلفوناميد؛ والذي يستخدم في علاج بعض أنواع العدوى البكتيرية.
أنواع التفول
تختلف أنواع الأنيميا؛ حسب درجة نقص الإنزيم لدى الشخص، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع :
النوع الأول (النيجرو)
يكون نقص الإنزيم مقتصر فقط على كريات الدم الحمراء القديمة؛ والتي أوشكت على التكسير من تلقاء نفسها، لذلك تكون الأعراض هنا خفيفة.
النوع الثاني (المتوسطي)
هنا نقص الإنزيم يكون داخل كريات الدم الحمراء القديمة والحديثة؛ لذلك أعراض أنيميا الفول هنا أكثر خطورة من النوع الأول.
النوع الثالث أو ما يسمى بالتفول
وهنا تظهر الأعراض بعد تناول البقوليات؛ -أو حتى شمها في بعض الأحيان- بساعات قليلة أو أيام، ويعتبر هذا النوع هو أخطرهم على الإطلاق.
أعراض أنيميا الفول
في أغلب الوقت لا تكون هناك أعراض لمرض التفول؛ ولكن في حالة تعرض المريض لإحدي العوامل المساعدة؛ تبدأ بعض الأعراض بالظهور، والتي تختلف في شدتها من فرد لآخر، ومن أهمها:
تسارع ضربات القلب
وذلك نتيجة نقص الأكسجين داخل الخلايا؛ بسبب تكسير كريات الدم الحمراء.
صعوبة التنفس
وتختلف في شدتها حسب درجه الأنيميا؛ فقد تظهر فقط مع بذل مجهود أكثر من الطبيعي، وقد تصل لصعوبة التنفس أثناء الراحة دون بذل أي مجهود.
الحمى
قد يصاب مريض التفول أيضا بارتفاع درجة الحرارة؛ وذلك نتيجة تغيرات في مستقبلات الحرارة؛ المسؤولة عن تنظيم الحرارة في الجسم.
شحوب الوجه والدوار
فيشعر الشخص بعدم اتزان، ويصاب بالتعب من أقل مجهود وتجد شحوبا في وجهه.
الصفراء أو ما يسمى باليرقان
قد يلاحظ الشخص اصفرار في عينيه أو جلده؛ وذلك في حالات أنيميا الفول العنيفة، كما أن الصفراء قد تكون العلامة الأولى لإصابة حديثي الولادة بالتفول.
تغير لون البول
من الممكن أن يتغير لون البول ويصبح أغمق من المعتاد، ويجب الأخذ في الاعتبار؛ أن تغير لون البول قد يكون بسبب تناول بعض الأكلات، أو قلة شرب الماء، أو استعمال بعض الأدوية، وليس فقط بسبب أنيميا الفول.
هل التفول مرض خطير؟
مرض التفول ليس من الأمراض الخطيرة التي لها مضاعفات كثيرة، وفي معظم الأحيان؛ يمارس الشخص حياته الطبيعية دون أي مشاكل، ولكنه قد يسبب مشاكل عنيفة إذا تعرض الشخص للعوامل المساعدة.
وقد تظهر مشاكله في حديثي الولادة؛ فإما أن تأتى بصورة الصفراء؛ وتكون بسيطة ويشفى منها المولود سريعا، أو يدخل في إحدى مضاعفاتها؛ والتي تؤثر على الجهاز العصبي للطفل، ونادرا ما قد يصل الأمر فى الحالات الحادة إلى الإصابة بتضخم الطحال.
تشخيص مرض التفول
يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي للشخص، وظهور الأعراض عند تعرضه للعوامل المساعدة، ويتم التأكيد بإجراء بعض التحاليل وأهمها :
تحليل إنزيم أنيميا الفول
وذلك لمعرفة نسبه الإنزيم داخل الدم، حيث أن نسبة إنزيم G6DP الطبيعية تتراوح من 8.8 إلى 13.4 وحدة لكل جرام من الهيموجلوبين.
صورة دم كاملة
ويشمل اختبار لنسبة الهيموجلوبين، وعدد كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، بالإضافة إلى نسبه الحديد .
المسحة الدموية
وذلك للبحث عن أجسام هينز.
طرق العلاج
يعتمد العلاج في الأساس على منع التعرض للعوامل المساعدة التي ذكرناها سابقا، بالإضافة لاستعمال بعض الأدوية والأكلات المناسبة.
1- عدم التعرض للعوامل المساعدة
يجب على مريض التفول أن يبتعد عن بعض الأطعمة مثل:
- البقوليات ومنها الفول بجميع أنواعه مثل النابت، والحراتي(الأخضر)، وكذلك الفاصوليا, اللوبيا , والعدس .
- الأطعمة التي تحتوي على فيتامين سي.
- الألبان، والأطعمة المصنعة من فول الصويا، وصلصة الصويا.
وإذا كان العامل المساعد دواء؛ فيجب إيقافه فورا وتجنبه فيما بعد، وإذا كانت عدوى؛ فيجب العمل على علاجها، مع تجنب المسكنات، والمضادات الحيوية التي تساعد ع تفاقم مرض أنيميا الفول.
2- الأدوية
في بعض الأحيان تكون درجه الأنيميا عالية، فيحتاج الشخص الذهاب للمستشفى ليحصل على الأكسجين، والسوائل اللازمة له، أو قد يحتاج الشخص إلى نقل دم في حالات الأنيميا الحادة، وفقدان الكثير من الدم.
أنيميا الفول وأدوية كورونا
لسوء حظ هذا المريض؛ فمعظم الأدوية المعتمدة لعلاج فيروس كورونا ممنوعة لمرضى أنيميا الفول، وذلك لأنها تشمل أدوية الملاريا؛ والتي ذكرنا أنها تساعد ع تكسير كرات الدم، وكذلك الحال بالنسبة لفيتامين سي، والمسكنات كالأسبرين.
لذلك ننصح مريض التفول بأن يحافظ على نفسه، ويستخدم كل وسائل الحماية المتاحة له؛ حتى لا يصاب بالكوفيد ويصبح الأمر أكثر صعوبة عليه؛ لعدم قدرته على استخدام العلاج.
الخلاصة
يعد مرض أنيميا الفول مرضا وراثيا؛ والذكور هم الأكثر نصيبا منه، ولا تظهر الأعراض إلا إذا تعرض الشخص للعوامل المساعدة؛ وأهمها بعض الأطعمة كالبقوليات وأدوية الملاريا والأسبرين.
تظهر الأعراض في صورة أنيميا، ودوار، وشحوب، واصفرار أو يرقان في الوجه بصور بسيطة، أو قد يصل الأمر لمضاعفات كفقدان الكثير من الدم، وتضخم الطحال.
يتم تشخيصها بعمل تحليل إنزيم انيميا الفول، وصورة دم كاملة، ويعتمد العلاج على تجنب العوامل المساعدة، وننصح مريض التفول بالتزام البيت، وحرصه على سلامته من فيروس كورونا، لأن أدويتها ممنوعة له.
طريقه عرض مبسطه للموضوع
🤗
جزاكم الله خيرا ع شرح الموضوع بطريقه بسيطه وكامله