تأخر الكلام عند الأطفال صدمة تواجه بعض الآباء والأمهات الذين ينتظرون بلهفة سماع أول كلمات طفلهم “بابا وماما” عند بلوغهم العام الأول من حياتهم.
إن عجز الطفل وعدم قدرته على التحدث مقارنة بمن هم بسنه يصيب الوالدين بالقلق الشديد حيال السبب ويهرعون باحثين عما يمكنهم فعله لعلاج المشكلة.
ما هو تأخر الكلام عند الأطفال
يكون الطفل قادراً على التواصل مع والديه في سن مبكرة بدون استعمال الكلمات وبطرق مختلفة تتناسب مع عمره مثل البكاء عند الجوع أو التوقف عن البكاء للتعبير عن ارتياحه نتيجة تلبية طلبه.
ولنكون قادرين على معرفة المشكلة وتحديدها ينبغي معرفة التطور السليم للغة حسب المرحلة العمرية. وفيما يلي سوف نستعرض مراحل تطور اللغة للطفل حسب عمره.
مراحل تطور اللغة قبل سن المدرسة (6-7) سنوات.
يمكن تقسيم المهارات اللغوية حسب عمر الطفل إلى مايلي:
منذ الولادة
يستعمل المولود البكاء للتعبير عن احتياجاته من جوع وبرد وحر ونوم، كما أنه يصدر أصوات تنهد خافته عند شعوره بالراحة.
ثلاثة أشهر
مرحلة إصدار أصوات الهمهمات.
ستة أشهر
الغمغمة و المناغاة في هذا السن تساعد المناغاة الطفل على استعمال الأصوات لاحقاً لتشكيل كلماته الأولى.
سنة:*
نشرحها بالتفصيل لاحقاً
سنة إلى سنتين:*
نشرحها بالتفصيل لاحقاً
سنتين:*
نشرحها بالتفصيل لاحقاً
3 أعوام
تبلغ حصيلته اللغوية 900-1000 كلمة و يستطيع أن يطرح أسئلة من ثلاث كلمات مثل”أين ذهب بابا”
4 أعوام
يحفظ الطفل في هذا السن عدد ألفي كلمة ويكون قادرا على سرد الأحداث البسيطة بلغة واضحة ومفهومة، فيستطيع تكوين جملة طويلة من خمس كلمات.
5 أعوام
بجانب قدرته على الكلام يصبح قادراُ على التعرف على الأحرف وتميزها والتحدث باستعمال جمل أطول.
*نظراً لأهمية بعض المراحل العمرية، قمنا بتفصيلها في عناوين منفصلة
تطور المهارات اللغوية للطفل في عمر السنة
– يستطيع تتبع ومعرفة مصدر الصوت
– يستجيب لاسمه
– يلوح بيديه عند الوداع
– يلتفت للأشياء التي تشير لها بسبابتك
– يتحدث مع نفسه مصدراً أصواتاً من شفتيه “ببب” ورفع الصوت وخفضه في محاكاة لجمل البالغين
– عند التحدث معه يستمع إليك وينتظر دوره ليرد في محاولة للمحاورة
– يقول “دادا” أو “بابا” للأب و”ماما” للأم
– يستطيع نطق كلمة واحدة على الأقل
– يشير بإصبعه للأشياء التي لايصل إليها ويتحدث بلغته البسيطة مشيراً لرغبته بالحصول عليها
المهارات اللغوية للأطفال بين عمر السنة إلى السنتين
– يفهم الأوامر البسيطة بمساعدة التلميح من الكبار ثم يتطور فهمه ليصبح قادراً على التنفيذ بمجرد سماع الأمر
– يستطيع إحضار الأشياء من غرفة أخرى عند سؤاله
– يشير إلى بعض أجزاء جسده عند سؤاله
– يستخدم إصبعه مشيراً للأشياء التي تثير اهتمامه كي يلفت نظرك لها
– يحضر الأشياء إليك كي يريك ماذا وجد
– يشير بإصبعه إلى بعض الأشياء كي تسميها له
– قادر على تسمية بعض الأشياء في محيطه أو في الصور
– يستمتع بلعب الأدوار مع الوالدين أو مع الدمى المحشوة مثل أن يتظاهر بالطبخ أو التظاهر بدور الأم والأب في رعاية الطفل
المهارات اللغوية للأطفال عند عمر السنتين
– يستطيع الطفل في هذا العمر الإشارة إلى أجزاء جسمه عند تسميتها له
– قادر على الإشارة لبعض الصور في الكتب والتعرف عليها
– يفهم الأوامر ذات الفعل الواحد كأن تطلب منه أن يغلق الباب أو أن يضع اللعبة في الصندوق
– يتحدث ب 40-100 كلمة مختلفة
– يستعمل بعض التعبيرات مثل “ذهب بابا”
– يكون بعض الجمل من ثلاث كلمات مثل”أنا أريد ماء” أو “ماما أنا جائع”
– يستطيع البالغون فهم كلامه بمعدل متوسط حديثه
كيف ننمي المهارات اللغوية لتجنب تأخر الكلام عند الأطفال
يمكن تنمية المهارات اللغوية للطفل منذ الأيام الأولى لولادته عن طريق بعض الممارسات، والتي من أهمها:
التحدث مع الطفل
بعكس المعتقد الشائع عن الطفل الرضيع فإن التحدث مع الطفل منذ سن الولادة يكسبه حصيلة لغوية مهمة، ويجعله قادراً على التحدث بسرعة مقارنة بأقرانه بسبب قدرته على تخزين الكلمات في عقله منذ سن مبكرة.
القراءة واستعمال الكتب المصورة
قراءة القصص القصيرة للأطفال واستعمال الكتب المصورة حسب عمر الطفل، حيث يحتاج الطفل في شهوره الأولى التحفيز البصري التعليمي مثل الكتب باللون الأسود والأبيض ثم التدرج للكتب ذات الرسوم باللون الأحمر والأسود.
الاختلاط بالأطفال
حيث تتولد هذه المهارة الاجتماعية من عمر السبعة أشهر وتكمن أهميتها في أن الطفل يحب محاكاة الأصوات و تقليدها.
وتستمر معه هذه المهارة في جميع مراحله العمرية ممايساعده على اكتساب الكلمات المعرفية بجانب المهارة الاجتماعية بسهولة من الأطفال الآخرين أكثر من البالغين.
التحدث مع الطفل باللغة الأم
يجب التحدث مع الطفل باللغة الأم فقط حتى يكمل عامه الثالث، حيث إن السنوات الأولى للطفل مصيرية في تحديد اللغة الأم له.
وتعتبر اللغة العربية من اللغات صعبة التعلم، لذا ينصح اللغويون أن يتحدث أفراد العائلة بلغة واحدة مع الطفل حتى يكتسب تأسيس اللغة في عقله ومخزون كلمات يمكنه من التعبير بطلاقة.
اللعب
لعبة الأدوار وتقليد الكبار والتحدث باستعمال الدمى المحشوة مثل الحيوانات الأليفة المحببة للأطفال يثير حافزهم و فضولهم لتعلم اللغة.
التجاوب مع محاولات الطفل للتحدث
عندما يصدر الطفل ذو الخمسة أشهر صوتا و تستجيب له الأم بفطرتها فتتحدث معه بحب وتحاوره يبدأ عقل الطفل باستيعاب آلية الحوار وكيف يحدث التواصل، ويتولد لديه الحافز لتكرار التجربة أكثر.
تشجيع الطفل على التحدث
يفضل عدم تخمين احتياجات الطفل والمسارعة لتلبيتها، ويجب نطق الكلمات بالشكل السليم وتكرارها دون تصحيح فلا تخبره قل ” كذا وكذا” بل أعد على مسامعه ماقاله بالشكل الصحيح وحاوره كلما سنحت الفرصة
أسباب تأخر الكلام عند الأطفال
يمكن أن نفصل الأسباب إلى جزئين رئيسيين تندرج تحتهما عدة أسباب:
مشاكل في محيط الطفل
– الحرمان العاطفي من الوالدين وعدم التحدث مع الطفل بشكل يومي
– التحدث مع الطفل بأكثر من لغة في المنزل وخاصة في سنواته الأولى
– غياب المحفزات التعليمية والبصرية من أنشطة الطفل واستعمال الشاشات الإلكترونية
– افتقار المحيط الاجتماعي للطفل، عدم اختلاطه بأطفال يتحدثون نفس لغته يحرمه الكثير من المهارات
– تقديم الشاشات الإلكترونية للأطفال قبل عمر السنتين
مشاكل عضوية
– أمراض خلقية مثل التصاق اللسان، لدغة اللسان وغالبا ما تشخص وتعالج بعمر مبكر
– مشاكل سقف الفم
– أمراض عضوية مثل الحساسية من الجلوتين ومشتقات الحليب والبيض وغيرها بسبب تأثيرها على تركيز الطفل
– مشاكل سمعية وتنقسم لنوعين (خلقية ومكتسبة) في أي مرحلة عمرية بسبب التهابات الأذن أو غيره
– أمراض تأخر ذهني مثل التوحد وفرط الحركة
– طيف التوحد لا يلحظه المحيطون بالطفل بسبب أعراضه المختلفة عن التوحد ونقص المعلومات والتوعية
الآثار السلبية لتأخر الكلام عند الأطفال
– يتعرض للتنمر من زملائه وأقرانه
– يعجز عن سرد مجريات الأحداث خلال يومه وفي حياته مما يعرضه لخطر الاستغلال بكافة الأشكال
– يؤثر على ثقته بنفسه
– التراجع الأكاديمي وتفويت تعلم المهارات بسبب الحاجز اللغوي
– الانعزال عن الحياة الاجتماعية في مرحلة الطفولة بسبب خوفه من السخرية
متى يعتبر تأخر الكلام عند الأطفال أمرا مقلقاً
بعض الأطفال الذين يظهرون تأخراً في النمو قد تظهر لديهم بعض السلوكيات المقلقة، كما يظهر بعضهم نموا طبيعيا ثم يبدأون بالتراجع والتوقف عن الكلام أو فقد مهارة كانوا قد اكتسبوها
فيما يلي بعض النقاط التي تدل على أن الطفل بحاجة لتقييم حالته بواسطة أخصائي لغوي أو طبيب الأطفال والتدخل المبكر:
1- لا يستجيب للعواطف وتعبيرات الوجه فعند الابتسامة بوجه الطفل لا يبادلك بالابتسامة
2- لا يظهر السلوك العاطفي مثل الحضن والمعانقة
3- لا ينتبه لوجود الوالدين والناس حوله ويبدو الطفل منعزلاً ومستغرقاً في عالمه الخاص
4- لا يستجيب لاسمه عند مناداته أو التحدث معه ويستجيب للأصوات والضوضاء من حوله مثل صوت القطط
5- يلعب منعزلاً عن الأطفال ولا يظهر اهتماما بالألعاب مثل الدمى
6- يظهر اهتماماُ بأدوات المنزل ويفضلها على الألعاب مثل المصباح اليدوي
7- يحفظ بعض الكلمات والحروف الأبجدية ولكنه لايحفظ الكلمات التي يعبر بها عن احتياجاته
8- لا يظهر مشاعر الخوف الطبيعية تجاه المخاطر مثل بقية الأطفال
9- عند تعرضه للألم لا يظهر مشاعره
10- يتحدث بنصوص مقتبسة من مقاطع التلفاز لا تناسب الموقف ويكرر جمل مقتبسة
علاج تأخر الكلام عند الأطفال
من أجل العلاج يمكن تقسيم المشكلة لدى الطفل لسببين رئيسيين:
تأخر لغوي في التعبير
يكون الطفل قادراً على فهم والديه والتعبير عن احتياجاته بوسائل مختلفة مثل الإشارة أو شد الوالدين نحو الحمام مثلاً للتعبير عن حاجته لكنه للأسباب التي ذكرناها سابقاً غير قادر على الكلام بطلاقة أو يستعمل كلمات غير واضحة.
ويحتاج الطفل للتدخل من قبل أخصائي اللغة، وتنتشر الكثير من المراكز التي تساعد الوالدين والطفل على تخطي هذه المرحلة.
وكلما كان العلاج أبكر، كلما كان تحسن الطفل أسرع بسبب وعي الوالدين وتأهيلهم من قبل المراكز المختصة لتقديم اللغة ومساعدة الطفل على التحدث بطلاقة.
بجانب المراكز المختصة يوجد العديد من المجموعات على وسائل التواصل الإجتماعي تكون بمثابة حلقة وصل بين الأهالي والأخصائيين اللغويين وكثير منها عبارة عن عمل تطوعي أو بأسعار رمزية لتمكين الوصول للرعاية المطلوبة.
تأخر لغوي في الاستيعاب
في هذه الحالة يكون الطفل غير متجاوب مع من هم حوله ويظهر عدم فهمه للأوامر أو تجاهلها التام وهي تعد من العلامات المقلقة وتستدعي تدخل طبيب الأطفال بجانب الأخصائي اللغوي لمساعدة الطفل.